عمر عبد الفتاح – خرج يوفنتوس من دور الستة عشر لدوري الأبطال أمام البايرن بعد عرضٍ جيّد في الذهاب و آخر بطولي في الإياب لولا هدف مولر بعد الدقيقة التسعين منتزعاً احترام النقاد و إعجاب المتابعين الذي اعتبروا في البدء تأهله على حساب البايرن أمراً بعيد المنال.

بعيداً عن الحديث الدائر حول استبدال موراتا بماندزوكيتش و تأثيره على نتيجة المباراة و بغض النظر أيضا عن خروج خضيرة و كوادرادو و بقية الأسباب التقليدية و البديهيّة التي نسب اليها خروج اليوفنتوس اودُّ هنا التركيز فقط على الحارس العملاق جانلويجي بوفون قائد السيّدة العجوز ، الرجل الذي احتفل قبل بضعة ايّام فقط بتحطيمه الرقم القياسي لعدد الدقائق التي مضت دون ان تستقبل شباكه هدفاً في الكالشيو الايطالي على الرغم من بلوغه الثامنة و الثلاثين من العمر.

نعود بالذاكرة قليلاً إلى ترشيحات الفيفا للجوائز عن عام 2015 و الضجة التي أثارتها صحف ايطاليا معترضةً على استبعاد بوفون من الثلاثيّ المرشح لأفضل حارس خلال العام ناسبةً إليه الفضل في وصول اليوفي الى نهائي برلين ، لكن بقليل من التركيز و الحياديّة و بعيداً عن حبنا الكبير له كمتابعين سنجد ان الواقع يختلف قليلاً عما يقال.

ابتسمت القرعة كثيراً لليوفي في النسخة الماضية لدوري الأبطال بمواجهته للمتذبذب حينها بوروسيا دورتموند ثم موناكو الفريق عديم الخبرة اوروبياً و العاديّ فنياً و اقتصرت مرحلة الجدّ على مواجهة الريال ذهاباً و اياباً ثم البارسا في النهائي . في مواجهتي الريال تحديداً قدّم وسط و دفاع اليوفي مباراتين من أعلى طراز لم يسمحوا خلالهما لنجوم الغالاكتيكوس بتشكيل خطورة تذكر على مرمى بوفون ، المتابع المحايد لهاتين المباراتين سيلحظ ندرة حقيقية في التصديات التي قام بها بوفون خصوصاً الحاسمة منها و التي يمكن اقتصارها على تصدٍّ واحد فقط خلال ال180 دقيقة لكرة سددها بنزيمة من زاوية ضيقة و كان للدفاع دورٌ كبير في تضييق الزاوية عليه ، للحق فخلاف تلك الفرصة لم يكن هناك أي تصد حاسم لبوفون خلال المواجهتين بل كانت الكلمة العليا فيهما لرباعي الوسط الحديدي آنذاك ، حتى خلال النهائي اقتصرت تصدياته –الصعبة و المفصلية منها – على فرصة مشابهةٍ لحد كبير سددها سواريز و ايضاً بمضايقة من الدفاع الايطالي الرائع، و من يشكك في ذلك فأنصحه بمشاهدة ملخصات للمباريات الثلاث.

1794701-37891311-2560-1440

تصفح الموقع الرسمي للدوري السعودي، وتابع أهم الأخبار، وأخبار كريستيانو رونالدو باللغة الإنجليزية

ما زال بوفون من ابرز الحراس حول العالم و لكن هذا التميز يمكن قصره إلى حد كبير على تمركزه و توقعه المميزين جداً و اللذين اكتسبهما بحكم سنواته الطويلة في الملاعب ، إلا أن هذه السنوات نفسها قد سلبته كثيراً من رشاقته مقارنة بباقي الحراس المميزين اليوم و ببوفون نفسه قبل بضعة أعوام مما جعل تصدياته تقتصر فقط على الفرص العادية و شبه الصعبة ، إما التصديات الاعجازية و الحاسمة حقاً للفريق فقد قلّت بنسبة ملحوظة. فمثلاً متى كانت آخر مباراة قدّم فيها بوفون أداءاً خرافياً كأداء جو هارت مثلاً في الاياب ضد برشلونة العام الماضي او ما يقدّمه دي خيا كل أسبوع مع اليونايتد خصوصاً في ذهاب دور الستة عشر من اليوروبا ليغ هذا الموسم ، و اذا رغب احدٌ في الإشارة لخسارة هارت مع السيتي و دي خيا مع اليونايتد في المباراتين اللتين استدللت بهما فأودُّ ان اسأله عن آخر تصدّي لبوفون مثل تصدي نوير الإعجازي لتسديدة كريم بنزيمة في كأس العالم بالبرازيل و الذي كان مفصلياّ في مسيرة الماكينات نحو اللقب ، او مثل تصديات كاسياس ضد هولندا في ال2010 او حتى تصدي بوفون نفسه لرأسية زيدان في نهائي كأس العالم 2006 ؟؟

بالتأكيد بوفون ما زال حارسا مميزاً  لكن لا يمكن إغفال حقيقة انه أصبح حارساً جيداً فقط و ليس بطلاً حاسماً لفريقه بل صار اغلب تأثيره قيادياً ، و لا يمكن ايضاً التغاضي عن حقيقة ان دفاع اليوفي – ربما هو حالياً الأفضل حول العالم – يغطي عليه كثيراً و ينوب عنه في كثير من الأحيان ، و اهم من ذلك لا يمكننا تجاهل حقيقة ان اليوفي أصبح يكبر و يكبر خلال آخر السنوات و مستوى بوفون يتناقص بالتدريج و اعتقد أننا حالياً في مرحلةٍ صار فيها مستوى اليوفي اعلى قليلاً مما يقدمه بوفون.

برأيي وجود دي خيا فقط خلف دفاع اليوفي ضد البايرن كان سيكفل للفريق الوصول للدور الموالي في دوري الأبطال ، فعلى الأقل كان سيتصدّى لواحدة من تسديدتي كومان و الكانتارا اللتين ولجتا الشباك ، هذا ان لم يكن قد تصدى لواحد من هدفي ليفاندوفسكي و مولر على الرغم من صعوبتهما على أي حارس .

على بوفون ادراك حقيقة ان النادي اكبر من الأسماء و عليه ان لا يجبر النادي على رد الدين له بما فعله في 2006 و يتراجع عن قراره بالمواصلة موسمين إضافيين مع اليوفي حتى 2018 ، و لكن يحسب له كثيراً عدم تحوله لكاسياس آخر من حيث المستوى فبوفون من ابرز اللاعبين في التاريخ محافظة على مستواهم في نطاق معيّن مع التقدم في السن ، فمستواه أصبح فقط اقل مما يحتاجه اليوفي الا انه ما زال جيداً جدا،ً  فقط عليه المغادرة قبل ان يجد نفسه على مقاعد البدلاء و يتحول لكاسياس آخر ايضاً او توتي آخر من حيث جلب الأجواء السلبية في أروقة النادي ، و هو امرٌ ليس مستبعداً كثيراً إذا توفر دي خيا او كورتوا في السوق في ظل غياب أنديتهم أوروبياً الموسم المقبل.

قناة سبورت 360عربية على يوتيوب

الأكثر مشاهدة