الحالة الصحية: ألزهايمر لن يؤثر على الذاكرة

18:03 10/10/2015
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • أصوات صياح مُرتفعة تغمر الأرجاء، ضربات على الطبول تُسارع ضربات القلب البطيئة لكن صوت الأخيرة يزداد في الارتفاع عن ما يضاهيها، يحاول الالتفات حوله ليُزيد من إدراكه بالعالم المُحيط، ليكتشف أن اللون الأحمر هو الثابت الوحيد فيما يُحيط به، كما لو كانت ألوان الطيف قررت أن تتجمع -كُلها- في لونٍ واحد.

     بدأ في سماع صوت صافرة من مكانٍ بعيد! ثم إقترب ذلك الصوت أكثر فأكثر، ليتخلل كُل ما سبق بالتدريج، إلا أن أصبح هو الصوت الوحيد في المكان، حاول أن يفتح عيناه بتروي خوفاً من صدمة الإضاءة التي شعر بحرارتها على جفونه، ليجد كُتلة ما بيضاء بها شيئاً صغيراً يعكس الضوء في وجهة.

    تحسس بأنامله المنضدة بجواره حتى وجد ملمس زُجاجي، تحدث حينها هاجس في عقله أخبره أن ارتداء ذلك الزجاج سيساعده بعض الشيء.. هم في ارتداءه مُطيعاً لكلام ذلك الهاجس، ليجد تلك الكُتلة البيضاء تتحول لشخص ما، لكنه ظل مجهول الهوية يُطلق ابتسامة غير مفهومة السبب قبل أن يتحدث قائلاً:

    سيد "غيرد"! أكانت نومه مُريحة؟

    تصفح الموقع الرسمي للدوري السعودي، وتابع أهم الأخبار، وأخبار كريستيانو رونالدو باللغة الإنجليزية

    من أنت؟؟

    بدت على وجهه علامات من الاندهاش سُرعان ما تحولت إلى الغضب ثم قام بإشارة ما لسيدة تتواجد خلف شباكٍ من الزجاج وأعاد النظر قائلاً:

    أنا البروفسور "هانس فورستل" ونحن الآن في الساعة السابعة من مساء يوم الـ….

    بدا وكأنه يقوم بشيء طبيعي لكنه قاطعه قائلاً:

    سألتك عن شخصيتك.. لما تُخبرني بالتوقيت؟؟ ومهما كنت أنت ما السبب الذي يجعلك هُنا وما السبب الذي يجعلني أنا أيضاً هُنا؟؟؟

    في ظل الحديث المُقام، اقتحما سيدتين الغُرفة وتبعهما شخصاً أخر بدأ في التمتمة مع الشخص الذي قال أنه يُدعى "هانس"، لكن لم يُفهم من تلك التمتمة إلا كلام قليل جداً، "كما توقعت تمكن المرض… لالا ليس كذلك… أعتقد أن الأمر أكثر من ذلك… ربما شيئاً أخر… وهو كذلك"

    ألتفت بعدها البروفوسور إلى المريض المستلق على الفراش وتحدث معه بشيءٍ من العطف:

    أنت هُنا لأنك تُعاني من خرف الشيخوخة أو ما هو معروف بمرض "ألزهايمر"، وهذا هو الدكتور "ماكسيمليان" مُساعدي الشخصي، لم تراه منذ فترة حيث أنه كان في إجازة من أجل الزفاف، أما عنك سيدي، فحضرتك الأسطورة "غيرد مولر" أحد أعظم من أنجبت ألمانيا في تاريخها، أعلم أنك لا تتذكر ذلك الآن، لكن هذا ليس خطيراً فهو شعور لحظي سيختفي مع الوقت، وستبدأ في التذكر شيئاً فشيئاً، أحتاج من حضرتك الآن فقط أن تكن مُتعاوناً بعض الشيء، وتخبرني عن ما خطر ببالك في اللحظة التي سبقت رؤيتك ليّ.

    لا أعلم عن ماذا تتحدث، لم أرك أنت شخصياً من قبل فماذا عن ذلك المُساعد، لكن على أية حال شاهدت جحافل من البشر تجلس في مكان ما بانتظام يُلفت الانتباه، يرتدون قميصاً موحداً وكأنهم نُسخاً متطابقة لشخص واحد، ورأيتني أيضاً أرتدي نفس ذلك القميص، هل لديك تفسيراً لذلك؟؟؟

    بالطبع! لقد كُنت أحد لاعبي فريق بايرن ميونخ، وذلك المشهد الذي رأيته كان من ماضيك البعيد، وهي مُحاولة ما من الذاكرة للتخلص من الضياع الكامل، عن طريق إرسال صور من الماضي في الحاضر، حتى يتمكن إدراكك من تحويلها إلى ذكريات تتثبت من جديد في المُخ.

    إن كُنت أسطورة كما تدّعي، فعليّ الآن أن أكون بائساً جداً.

    لماذا؟؟… أندهش البروفوسور.

    الوصول لتلك المرحلة من الوصف بالأسطورة، ليست سهلة المنال، أيمكن بعد ذلك العناء أن يأتي فيروس ما ويمسح كُل ذلك التاريخ، دون أن يتهاون.

    لن أكون مُبالغاً إن أخبرتك أنك من أكثر مرضى ألزهايمر حظاً، في تلك الحالات المرضية نحتاج أن يكون هُناك الكثير من الأقارب حول المريض، حتى يُخبروه بكل الذكريات التي جمعت بينهم في الماضي، لخلق صورة مُشابهة منها في الحاضر، هذا جُزء مهم من التعامل مع المرض.

    وفي حالتك هذه فإنك تمتلك أُسر عديدة على أتم الاستعداد من التواجد هُنا معك، لتُساعدك على تذكر أصغر التفاصيل في حياتك، كُل شخص من حولك -وحتى من لم يسبق لك معرفة معه- أن يُخبرك بشيء ما قُمت بفعله من قبل، أو ذكرى ما لن تمحوها عوامل الزمن.

    حالة المسح الكامل للذاكرة التي تضربك الآن سنتخطاها سوياً في قادم الأيام، سأتركك حالياً حتى تنال قسطاً من الراحة، لكن فقط أريد من حضرتك أن تخبرني بأي شيئاً تشعر به على الفور دون تأخير، وأخيراً! هُناك شخص ما بالخارج يُريد مُقابلتك، إنه صديقك "هيرمان غيرلاند" أنا مُتأكد من أنك ستفرح حين تراه، أأسمح له بالدخول الآن؟؟

    أستطيع تذكر القليل عن ذلك الاسم، دعه يدخل.

    خرج الدكتور المُساعد ليُحضر"غيرلاند" الذي رُسمت على وجهة ابتسامة تفاؤل عريضة، لم يشوبها إلا تلك النظرة القلقة التي بدت في عينيه.

     بُمجرد دخول "غيرلاند" للغرفة، ألقى على "مولر" التحية ومن ثم بادر بسؤال البروفسور:

    طمئني على حالته الآن، أهي خطيرة؟؟

    لن أكذب عليك، فالمرض تمكن منه تماماً، وبدأ في العبث بالذاكرة بشكلٍ كامل، لكن إن أردت وصفي الدقيق للحالة، فيمكنني -وبخبرة السنين- أن أخبرك أن حالته تحدث لأول مرة، فهو ألزهايمر لن يُؤثر على الذكريات التي عاشها، فهو يملك تاريخاً لن يتمكن منه أي مرض حتى وإن غلب عليه النسيان.

    أستأذنكما في الخروج.

    لمتابعة الكاتب عبر الفيسبوك

    قناة سبورت 360عربية على يوتيوب

    الأكثر مشاهدة