ليونيل ميسي

سبورت 360 –جلس أسامة متململاً يقلب بالريموت ما بين القنوات،كان الجو حينها حاراً ولكن ندياً وواعداً ..لأن موسم الصيف على وشك أن يبدأ وسيكون السفر وسيلة للتغلب على التفكير في تلك الأشياء التي تؤرقه ويقول أسامة لنفسه أنه من الجيد أنه قام بإصلاح طبق الدش أو الطبق الهوائي لكي يُسلي نفسه بتلك القنوات الفضائية.. تقول أمه دائماً أنه لا يقوم بإصلاح الأشياء بسرعة وأنه يا ويلها من ستتزوجه.. لكن ..لا يُمكن نسيان إصلاح هذا الشىء ، فهناك أعجوبة اسمه رونالدينيو يُحب مشاهدته وهو يُظهر أسنانه ويوزع ابتساماته العريضة في ملعب كرة القدم.

يوزعها على الخصوم قبل الزملاء ويرزع في قلبهم ابتسامة مهما كانت النتيجة وعلى أية حال فهو ينتظر نتيجة العام الأخير في الجامعة.. كان ينتظر وهو يستمع للتونسي الهادي الجويني وهو يشدو بواحدة من أعذب أغانيه ” هل رأيت شىء عجيب..في السما شكله غريب.. ولا فكرك في الحبيب..اللي غايب عن عيونك” .. وربما كان هذا إلهاماً لشخص ما في حياته أو له شخصياً .. تمر ليلة الصيف الهادئة مع نغمات قادمة من سنوات قد خلت.

وفي إحدى تلك المباريات مر الزمن سريعاً، نعم إن الزمن يمر سريعاً جداً في عينه الآن فكأنما قد دخل دوامة لا أول لها من آخر..فذلك المُبتسم رونالدينيو وضع كرة من طبق لشاب قصير، فرحاً وممتناً يقفز ذلك الشاب المراهق ليحتضنه بعد أن نجح في إسقاطها بذلك المكر اللذيذ الذي تعلمه في فريق الشباب..أسقطها من فوق الحارس الذي اكتفى بمشاهدة الكرة تهز الشبكة بضعة هزات..فكم من مرة تهتز أمام برشلونة؟، نعم هكذا قال الحارس لنفسه..لكن لنبتعد عن ذلك الحارس المجهول ونُركز على أن أسامة وجد نفسه في العام 2015 الآن ونحن نُقلب بأيدينا في صفحات ذكريات ويومياته، ليجد اليافع وهو يرفع الكأس الرابعة لدوري الأبطال مع برشلونة.

قابل للنسيان .. أم خياله في ظنونك..ميسي ، يا اللي عيونك في السما

ليو

ليو

تصفح الموقع الرسمي للدوري السعودي، وتابع أهم الأخبار، وأخبار كريستيانو رونالدو باللغة الإنجليزية


أدب كرة القدم ..مقال أسبوعي يربط عالم الرياضة وكرة القدم بلغة الأدب والفنون


تخرج أسامة وعمل في البداية بشركة صغيرة في مجال الاستشارات المالية ثم تنقل لشركات كبرى أكبر وأضخم، بدأ أسامة لم يحب تلك الوظيفة .. ولكن مرت السنوات ووجد نفسه ملتصقاً بذلك العمل ومتوسعاً في علاقاته لينال مناصب كبيرة.. وسيحقق يوماً ما أخيراً حلمه بأن يذهب إلى كاتالونيا ليشاهد ذلك الأعجوبة وهو يُسقط الكرة من فوق الحارس من جديد..إنه يتذكر تفاصيل تلك الليلة الفارقة لأنها غيرت حياته لأنه صباحاً علم بنتيجته وبدأ يمسك بورقة التخرج ويذهب بها إلى جميع الشركات لعمل الإنترفيو.

كل شىء تغيّر في لمح البصر .. تغير بنفس الطريقة التي تتغير بها الإنسان فيُمسي ويصبح ويجد نفسه هو ذلك الفتى في روما..الفتى الذي يُحب لعب الكرات الساقطة نجح في ذلك مرة أخرى ولكن تلك المرة برأسه مع إشراف ومتابعة روي فيرديناند والحارس الهولندي العملاق فاندرسار.

لا لم يكن هذا الشىء وحده هو الذي تعلق به ذهنه..ففي صفحات ذكرياته الكثير من الخدع واللقطات الفذة لنفس اللاعب والذي مازال يُطلق عليه لقب اللاعب رغم أنه أصبح أسطورة..لأن تلك الليلة في 1 مايو 2005 لا تغيب أبداً عن باله..لأن أسامة كان يحلم وكان يحلم بنفس الوقت ذلك الأسطورة القادمة من آشعة الريو إكس من التلفزيون..يحلم مثله بأن يصبح شيئاً كبيراً..ستكون البداية بهدف في مرمى ألباسيتي ولكن الطموح يبقى عالياً..حتى السماء.. فأسامة يراه رفيق حلم..ليس مجرد لاعب.

وبمرور الوقت وبدون حتى أن يُفكر مرتين لم يعد يتعامل الفتى الأرجنتيني مع نفسه على أنه حالم بل أصبح الأسطورة، وأخذ يمسك بالكرة الذهبية الواحدة تلو الأخرى بينما أصبح لدى أسامة مكانة كبيرة في عمله، ورُزق بولدين وبنتاً.

يمسك الآن أسامة بهاتفه، نعم الآن بالفعل ويقوم بفتح تويتر ويرى آلاف بل عشرات الآلاف من التكرار لنفس الكلمة “ميسي..ميسي” أو تكرار للقبه الأول الذي يحب أن يناديه به العاشقين له “ليو ..ليو..ليو” ودماغهم يكرر نغمة صوت المعلق وهو يعيد قول نفس الكلمة ولكن بصوت متوسل وكأنه يقول له : “أرجوك..زدنا من ذلك يا ليو..لا تتوقف فقط عند هذا”.. صحيح أن من الغريب تفسير لماذا يقول هذا المعلق بصوته المميز حقاً ليو ليو ليو هكذا..ولا يخبرنا بماذا يريد من ليو؟

بطلنا يبحث عن ميسي جديد .. من أين يأتي كنز برشلونة القادم ؟

ميسي في أولمبياد 2008

ميسي في أولمبياد 2008

يلقي أسامة بالهاتف إلى جانبه ويخبر نفسه: ربما لو كان في زمني هذه الوسائل الذين يسمونها بالاجتماعية لما كنت اجتماعياً على الإطلاق.. ويبدأ في التفكير بتلك الليلة من جديد، في ذلك الصيف الذي كان صعباً عليه لأنه تلقى رفضاً للفيزا التي قدم عليها للسفر وإكمال دراسته بالخارج ولما ضاعت به السبل أدرك أنه لا يستطيع محو تلك الصور القادمة من صيف عام 2005 لأنه يريد أن يعود بشريط حياته عبر الخلود للنوم وأن يُنادي حلمه القديم ويخبره “أرجوك احلمني..احلمني.. احلمني من جديد..سأكون جديراً بك..سوف تحبني”.. هل رأيت انسان من قبل يُحاول أن يترجى الحلم ليدخل عالمه من جديد؟ : ” سنتوافق معاً..ستكون سعيداً.. ربما سترى تشافي وهو يبدأ بتنظيم الهجمة..وإنييستا وهو يخادع المنافسين بمهارات قاتل متمرس في ثوب سيد محترم.. أنت رومانسي للغاية وأعلم أنك تسترجي رؤية رقصات وموهبة ريكيلمي الخاصة منسجمة معهم في فريق واحد ويجعلون المنافس يستمتع كما الجماهير بهم.. ولكنك في النهاية سوف تستيقظ”.

هكذا قال له الحلم..استفاق الآن وعلم أنه استطاع بالفعل أن يصل إلى نتيجة بأن فريقه لن يشهد تواجد لاعباً كهذا أبداً بعد الآن وأن هذا الحلم ينغص عليه حياته الهادئة لأنه لن يعود، وأن ذلك الشعور الذي أحسه بداية من تلك اليوم إلى ليلة روما إلى ليالي الكلاسيكو والذي تكرر مراراً وغذاه بمبهجات وسعادة لا قبل له بها..ربما بدأ يفقده لأن ليو بلغ عامه الـ33 وربما هي سنتين، ثلاثة على الأرجح ولن يصبح قادراً على رؤية الكرات العجيبة..والالتفافات الآخاذة والمرور السريع بين المدافعين والسر النادر الذي يحمله فتى أحلام برشلونة في قدمه اليسرى.

تلك الأشياء العجيبة كلها تجعل أسامة يتسائل وهو يجلس في أحد المقاهي مع صديقه: سمعنا كثيراً عن لاعبين مثل كرويف ومارادونا وروماريو وغيرهم..لعبوا لبرشلونة..لكن أنخادع أنفسنا؟ هو من بدأ رحلة الأحلام وهو من قص شريط البهجة الذي ظنناه ليس لنا..والآن نظن أن ليو سيرحل وسيأتي ليو آخر وآخر..الكثير من الليو.

يا غزالي كيف عني سيبعدوك .. برشلونة بعد ميسي

جماهير برشلونة .. طموحات متجددة

جماهير برشلونة .. طموحات متجددة

أجابه صديقه: نعم..نعم نقول ذلك بداخلنا دون أن نُعلنه..نتصور أن في عام 2026 أو في عام 2030 سنرى ميسي آخر..ربما يكون الكنز موجوداً في أكاديمية اللاماسيا أو سيأتي إلى اللا ماسيا في أحد السنوات.. أو نفكر بأننا سنخوض الرحلة بدون ومع غيره..بدأنا بالفعل نُفكر ونحن نشاهده على أرض الملعب أنه يُفكر منذ الآن في اللاعب الذي سيحمل الراية من بعده.. ربما يكون من البرازيل؟.

أسامة يقول : “لا ليس برازيلياً، لا تنسى خيبة أملك أنت شخصياً بنيمار..ربما لن يأتي أحد مثله أو يقترب منه حتى بقميص البارسا مجدداً وعلينا أن نبدأ بمشروع مثل فريق الأحلام مع كرويف..الكرة الآن تغيرت..وداعاً للفرديات..وداعاً للأعاجيب..وداعاً أيها الشىء العجيب.. سأطلب سلطة فواكة”.

صديقه وهو يلتقط هاتفه ويشاهد ما كُتب على وسائل التواصل قبل المباراة القادمة : “من يدري..ربما قد يكون ميسي فعلاً كما يقولون، فضائياً..لا تنظر لي هكذا ..حتى في مجال العلم كما أقرأ وأسمع لا يستبعدون وجود فضائيين..نعم إنه فضائي بالتأكيد..ويرى أشياءاً لا نراها..تلك الحاسة التي لديه غير بشرية..أسامة، إنه يرى أشياءاً عجيبة..إنه ليس الشىء العجيب..بل إنه يرى الشىء العجيب”.

ملعب كامب نو.. ومُشجعة متيمة بالبلاوجرانا. الذي به ميسي

ملعب كامب نو.. ومُشجعة متيمة بالبلاوجرانا. الذي به ميسي

ألقى كاتب السيناريو بالمقال بعد أن انتهى من كتابة المقال..بعد أن قال وداعاً لأسامه وصديقه اللذين اختلقهما من خيال..وفوجىء بزوجته تدخل مكتبه وهو شاردة الذهن ثم بمجرد أن رآها قال لها : أخبريني بسرعة ماذا حدث..لا أريد “رغي” وكلام كثير وحواديت غريبة.. قالت زوجته: “ابنك غير طبيعي..أعتقد انه فائق الذكاء.. فهو يجيب على العلميات الحسابية سريعاً جدا..تذكرت لما قلت لي أن بعض البشر لديهم قدرات عجيبة..مثل ميسي الذي تشجعه..هل تذكر ذلك؟.. كم فاز ميسي اليوم صحيح؟”.

صمت الكاتب للحظات ولكنه أراد أن يصمت أكثر لو استطاع لأن زوجته تعتقد أن ميسي فريقاً يفوز ويخسر.. قبل أن يخبرها : “دعيني الآن أنزل لشراء ما طلبتيه ثم سيكون لنا حديثاً..لكن أريد أن أخبرك شيئاً واحداً..لا يوجد سوى ميسي واحد”.. أغلق باب الشقة ونزل درجات السلم وهو يُفكر..ماذا لو نشرت ما كتبته في أحد المواقع الرياضية؟ هل سيستقبله الناس جيداً؟..لماذا لا أكون مثل ميسي..ولا أفكر إن كان ذلك جيداً أو لا، فهو يعلم أن كل ما يقدمه جيد.. سأكتب لهم في نهاية المقال أنني بالأساس لست برشلونياً، ولست مدريديستا..أنا مُجرد كاتب أحلام.

اقرأ أيضًا: بين الفيفا والأهداف.. ما هو أفضل مواسم كريستيانو رونالدو؟

قناة سبورت 360عربية على يوتيوب

الأكثر مشاهدة