رونالدو

للوهلةِ الأولى، في الوقت الذي كنتُ أتجول في ردهات شبكة الإنترنت، متنقلاً من خبرٍ إلى آخر، ومن صفحةٍ إلى صفحة، ومن موقعٍ إلى موقع، بهدف التعرف على أبرز الأحداث المختلفة، أنتباني شعوراً بأن عيد ميلاد البرتغالي، نجم ريال مدريد، كريستيانو رونالدو، عيداً عالمياً!، احتفى به كل من له صلة بعالم الرياضة وغيرها.

مواقع السوشيال ميديا (انستاغرام، فيسبوك، تويتر) امتلأت بالمحتفلين، فمئات آلاف الصور، والمنشورات، والتغريدات، أٌرسلت بهدف تهنئة الفتى البرتغالي الذي أكمل عامه ال 31، فالأمر لم يقتصر على زملائه في الريال والمنتخب البرتغالي، ولا على الصحف والمجلات، ووسائل الإعلام الجماهيريه، كالإذاعات وقنوات التلفاز، التي لا غريب في إن تجري وراء أخبار النجوم والمشاهير، ومنهم كريستيانو رونالدو.

ولكن هناك سرّ يكمن خلف اهتمام الملايين “من عامة الناس” الذين احتفلوا بعيد ميلاد “رونالدو”، عبر مختلف الوسائل، فليس سهلاً الفوز بحب واهتمام الناس، فهناك معاناة تأثروا بها، هناك قصةً ألهمتهم، وأثارت اهتمامهم، هناك حلماً تحقق وبدا مستحيلاً في البدايات ولكنه أصبح حقيقة وبات يحفزهم، هناك عقبات كالتي يواجهونها أُزيحت جانباً أمام العزيمة والإصرار الغير متناهيين، هناك نشوة جميلة ببلوغ النجاح باتوا يسعون إليها… فحيث يوجد الإحباط يوجد الأمل.

ولو عدنا إلى الخامس من فبراير 1985م، وإلى مدينة فونشال-ماديرا البرتغالية، حيث ولد طفلٍ برتغالي سُميّ بـ “كريستيانو رونالدو دوس سانتوس أفيرو”، ولد لأمٍ تهوى الطبخ وكانت تفكر وقتذاك في إجهاض ابنها بسبب؛ الفقر المدقع الذي كانوا يعانون منه، وولد لأبٍ متواضع الحال، سمى ابنه “رونالدو” لأنه يحب الرئيس الأمريكي “رونالد ريغن” ولعله يجلب الحظ لهذه العائلة المنكوبة.

مسيرته مع الأندية

تصفح الموقع الرسمي للدوري السعودي، وتابع أهم الأخبار، وأخبار كريستيانو رونالدو باللغة الإنجليزية

رونالدو مع مانشستر يونايتد

رونالدو مع مانشستر يونايتد

ومن رحم العوز، والحسرة، والمعاناة، والألم، والفقر، بدأ رونالدو مسيرته الكروية منذ كان طفلاً صغيراً يذهب إلى “الحارة” للهو مع أقرانه، وعند بلوغه سن الثامنة انضم إلى فريق والده نادي “أندورينها” للهواة ومن ثم وقع لنادي “ناسيونال ماديرا” الذي كان مفتاح الانتقال إلى “سبورتينغ لشبونة” بعد إن حقق معهم عدة ألقاب.

وفي غضون ذلك، كان رونالدو يتعرض للكثير من الضغط من قبل والدته “ماريا أفيرو” للعودة إلى المنزل وترك حلمه المستحيل المنال، ولكن هذا لم يمنح رونالدو إلا التحدي والحافز لمواصلة المشوار، فتدرج في الفئات السنية لنادي “العاصمة البرتغالية”، وخلال موسمٍ واحد وصل إلى الفريق الأول، وسجل معهم أولى أهدافه.

بعد ذلك، بدؤوا “كشافة المواهب” في أوروبا عملية التواصل مع نادي سبورتينغ لشبونة، للظفر بخدماته، وعقب منافسة حادة بين أرسين فينغر، والسير أليكس فيرغسون، فاز الأخير بخدمات رونالدو في عام 2003م، عقب المباراة التي خاضها سبورتينغ لشبونة ومانشستر يونايتد، والتي انتهت بفوز النادي البرتغالي بنتيجة (3-1).

ولم يكن الموسم الأول لرونالدو مميزاً كبقية مواسمه، فقد سجل هدفاً وحيداً من ركلة جزاء أمام نادي بورتسموث في شهر نوفمبر من العام 2003م، علماً أن ذلك اللقاء انتهى بفوز الشياطين الحمر (3-0)، ولكن هذا لم يمنع من تألق رونالدو مع مكتشفه “المخضرم فيرغسون” فقد حقق 118 هدفاً في ست سنوات (من عام 2003 وحتى 2009)، وتوج بتسع بطولات، وواحدة فردية (الكرة الذهبية عام 2008) بعد أن حقق بطولة دوري أبطال أوروبا على حساب البلوز تشيلسي.

تزامن ذلك، مع تولي المليادير الإسباني فلورنتينو بيريز رئاسة ريال مدريد، وهو الذي عُرِفَ ببذخ الأموال الطائلة على نجوم اللعبة، لتكوين فريقاً يُعرف بال “جلاكتيكوس”، ولم يجد بيريز أفضل من رونالدو الذي كان في ذلك الوقت “أفضل لاعب في العالم” لقيادة مشروعهِ الجديد، وتعاقد معه بمبلغ قياسي في عالم الجلد المدور، وصل إلى 94 مليون يورو، ليصبح “ابن ماديرا” أغلى صفقة في التاريخ.

خاض رونالدو أول مباراة رسمية مع الريال ضدّ ديبورتيفو لاكرونا وسجل أولى أهدافه بالفانلة البيضاء في الدوري الإسباني، بالإضافة إلى هدفين عن طريق حرتين مباشرتين دك بهما مرمى نادي “زيورخ السويسري”، كانا أولى أهداف رونالدو في دوري أبطال أوروبا مع المرينغي.

فشق الدون رونالدو طريقه مع نادي القرن، مسجلاً الهدف تلو الأخرى، ومحققاً اللقب تلو الأخر، وأصبح خلال ما يقارب السبع سنوات، أفضل هداف في تاريخ ريال مدريد برصيد 343 هدفاً في 328 مباراة لغاية الآن، وأفضل هداف في تاريخ دوري أبطال أوروبا، والأكثر فوزاً في الحذاء الذهبي، وحاصل على ثلاث كرات ذهبية، ومحققاً كل الألقاب الممكنة… وغير ذلك الكثير.

ronaldo

مسيرته مع المنتخب البرتغالي

بدأ رونالدو مسيرته الحافلة مع منتخب بلاده البرتغال في وقتٍ مبكر، حيث لعب أول مباراة في تاريخ 20 أغسطس من العام 2003م، أمام منتخب كازاخستان الذي خسر من رفاق رونالدو بنتيجة (1-0)، علماً أن رونالدو شارك بثلاث بطولات لأمم أوروبا، ومثلها في كأس العالم، محرزاً 55هدفاً خلال 123 مباراة، وهو بذلك بات أفضل هداف في تاريخ المنتخب البرتغالي.

بعد هذا العصف الذهني-التاريخي، لمسيرة البرتغالي لاعب ريال مدريد كريستيانو رونالدو، اتضحت الكثير من الأسرار التي كانت كامنةً وراء الشعبية التي يتمتع بها، خصوصاً في الأوساط الشبابية، وكيف لا بعد أن كان طفلاً فقيراً عانى الويلات، والآن أصبح نجماً لامعاً يعتبره البعض من أفضل اللاعبين في تاريخ كرة القدم، وحصد ثمار جهده الكبير خلال سنواتٍ طوال عانى منها ما عانى.

وليست هذه القصة كاملةً، فلم يكتفي رونالدو الذي يتميز بطموحٍ قلّ نظيره في النجاح الكبير في عالم الرياضة، ولكنه انتقل إلى عالم المال والأعمال بعد أن جنى أموالاً طائلة من وراء شهرته الكبيرة، وبسبب حبّه للموضة أنشأ ماركة أحذية سماها بـ ” CR7 FOOTWEAR” جنباً إلى جنب توقيع عقد تعاون مع سلسلة فنادق برتغالية، سيجني منها حتماً، ملايين اليورهات، بعد أن كان اليورو الواحد يراوده في “الأحلام الوردية”.

خلاصة الكلام، قصة كريستيانو رونالدو، جديرة بأن تروى لجيل الشباب، ليتعلموا منها الكثير، وليتعلموا كيف أن من لديه طموح سيصل في يومٍ من الأيام لمبتغاة، ومتى ما توافرتا المثابرة والإصرار، ومتى ما وجد الصبر في تخطي الصعاب، ومتى ما تشبثنا بأحلامنا، فسنعبر الوديان الوعرة، وسنتسلق الجبال الشاهقة، وسننال الثمار المرجوة… نعم، يجب أن يكون هناك يوماً عالمياً للشباب في تاريخ 5 فبراير، حتى يحتذي كل الشباب حذوا مسيرة كريستيانو رونالدو الكبيرة!

لمتابعة الكاتب عبر الفيسبوك

قناة سبورت 360عربية على يوتيوب

الأكثر مشاهدة