فلورنتينو بيريز تحت المجهر: نحو قراءة عقلانية!

فريق سبورت 360 20:02 04/03/2016
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • فلورنتينو بيريز

    في وقتنا الحاضر أصبح من المستحيل إيجاد وسيلة إعلامية مستقلة ومهنية ولا تُمثل أو تتبنى فكرةً من الأفكار أو موقفاً من المواقف أو قضية من القضايا أو إتجاهاً من الاتجاهات أو مصلحةً من المصالح، وفي الوقت الذي ازدادت فيه مصادر المعلومات في ظل العولمة المتوحشة، لا بد لنا أن نتنبه لكل ما يحدث حولنا وبمختلف المجالات الحياتية، ولا نُشكل أرائنا بناءً على ما تلقنه – تغلفه – لنا وسائل الإعلام المغرضة التي تسعى إلى بلوغ غاياتِها بغض النظر عن انحطاط الوسيلة المتبعة.

    وللأسف، غالبية مجتمعاتنا العربية هي عبارة عن (حشود) وليست (جماهير)، ومن يسأل عن الفارق بين المصطلحين، إن الأول مغلوب على أمرهِ ولا يملك أية أراء أو توجهات عقلانية ونقدية حيال ما يحدث حوله، بل ينصاع إلى ما تبثه وسائل الإعلام ويصدق رواياتها، بعقليةٍ جامدة تصدق كل ما تسمعه أو تشاهده، وهم (أي الحشود) بطبيعةِ الحال يتأثرون بالخطابات الموجهة لهم من قبل وسائل الإعلام والتي تحاكي غرائزهم (أي عواطفهم) إما الثاني، فهو جموع الناس الذين يجتمعون من أجل هدفٍ معين، ويمتلكون عقليةً نقدية منفتحة، ولا يقبلون بالمناكفات الفضفاضة التي لا تحاكي العقل، فالطريقة الوحيدة لعمليةِ إقناعهم وكسبهم هي المنطق الذي يحتكم إلى العقل دون شك.

    صراحةً ما دفعني لكتابة هذه المقدمة، هو سيّر مشجعو ريال مدريد وراء الحملة الدعائية الخبيثة التي تشنها مختلف وسائل الإعلام في إسبانيا، للإطاحة برئيس ريال مدريد، فلورنتينو بيريز، وهذا ظهر بشكلٍ واضح بعد الخسارة الأخيرة على ملعب السانتياغو برنابيو في ديربي مدريد، حيث قام عدد من الجماهير برفع الأعلام البيضاء، ومطالبة بيريز بالاستقالة، بعد الهدف الذي سجله الفرنسي أنطوان غريزمان نجم الأتلتيكو، إضافةً إلى تجمهر بعض المشجعين خارج الملعب لنفس المطلب.

    ومن أبرز الحجج التي يتذرع بها جماهير البرنابيو أو لنقل التي تتذرع بها وسائل الإعلام التي تقود الجماهير، إن سياسة بيريز اقتصادية وتعتمد على الهامش الربحي، أي أن بيريز يتخذ من ريال مدريد (مؤسسة ربحية) واللاعبين الذين يتعاقد معهم ما هم إلا (سلعة) يهدف من جلبهم تحقيق الأرباح عن طريق الإعلانات بغض النظر عن جودتهم داخل المستطيل الأخضر، والسلعة – اللاعب – التي تفشل في تحقيق الأرباح لا بد من الاستغناء عنها كما حدث مع دي ماريا وأوزيل.

    إلى جانب ذلك، هناك فريق يعزز معارضته لبيريز بذريعة أنه رئيس لا يحترم صلاحيات المدير الفني الذي يقود الفريق، بل يخرق حق المدرب في اختيار التشكيلة أو التكتيك المتبع، وفق آلية تخدم سياسته الاقتصادية الربحية، وهو السبب الذي وقف وراء إقالة مورينيو على حدِ زعمِهم والذي بشأنهِ يحبذ السيطرة على كل صغيرة وكبيرة تخص الفريق الذي يقوده.

    تصفح الموقع الرسمي للدوري السعودي، وتابع أهم الأخبار، وأخبار كريستيانو رونالدو باللغة الإنجليزية

    FBL-ESP-LIGA-REALMADRID

    ولكن، قبل كل شيء يجب علينا أن نفهم، إن في علم الإدارة، لا يوجد هناك مفهوم النجاح الكامل والفشل الكامل، فكل مدير – رئيس – تتخلل فترة إدارته العديد من الإيجابيات والسلبيات، ومعيار النجاح والفشل يتحدد، من خلال غلبة الإيجابيات على السلبيات أو العكس في حال الفشل.

    ولو وقفنا على الحقبة الثانية التي تولى بها فلورنتينو بيريز إدارة ريال مدريد بدءاً من عام 2009م وحتى الآن، لوجدنا أن المليادير الإسباني أحدث نقلةً نوعية في ريال مدريد في مختلف المجالات، الرياضية منها والاقتصادية.

    رياضياً، ريال مدريد كان قبل عام 2009م، يعاني الأمريّن على مختلف الأصعدة، فلم يكن يملك التشكيلة التي تُليق بفريق القرن في فترة رامون كالديرون الذي تولى المنصب بعد حقبة بيريز الأولى التي انتهت عام 2006م، وظهر لاعبون أقل ما يقال عنهم إن مستواهم في فرق الدرجة الثانية، وبدورهم أساءوا كثيراً لسمعة ريال مدريد العالمية، ولم يكن بمقدورهم المنافسة على البطولات الثلاث الكبرى، الأمر الذي جعل الريال يخرج في كلِ موسم خالي الوفاض من الألقاب.

    ولم يحقق الريال سوى لقبين في الدوري الإسباني في عام 2006-2007 و 2007-2008 في ظل تواضع مستوى بقية الأندية الإسبانية وعلى رأسهم برشلونة آنذاك، إما على المستوى الأوروبي، فلازمَ الريال عقدة دور الستة عشر طيلة تلك الفترة ولم يتمكن من بلوغ الدور ربع النهائي من الشامبيونز ليغ والتي يسميها البعض ( بطولة الكبار)، الأمر الذي أبعده عن المراكز الأولى للتصنيف الذي يصدره الاتحاد الأوروبي للأندية الأفضل في أوروبا.

    إمّا مع بيريز، فتغير شكل الريال، وأصبح فريقاً مدججاً بالنجوم الكبار الذين يحلم بهم الجميع، بدايةً من كريستيانو، وبنزيما، ودي ماريا، وأوزيل، وألونسو، وفاران، ومودريتش، وكروس، وبيل… وتطول القائمة، وأنفق ملايين اليوروهات من أجل تشكيلة تُعيد للريال هيبته في أوروبا وعلى وجه التحديد للبطولة المفضلة له كان يحلم بها مشجعو الريال في ظل سياسة كالديرون التقشفية في التعاقدات.

    florentino-perez-micro-2011-efe-421816511

    ريال مدريد مع بيريز، حقق كأس الملك عام 2011م بعد غياب دام 19 عاماً، بالإضافة إلى كأس السوبر، والدوري الإسباني مع مورينيو عام 2011-2012، وهو دوري المائة نقطة القياسية، وكذلك جلب “العاشرة” التي بقي مشجعو الريال يحلمون بها على مدار أثني عشر عاماً بفضل رأسية القيصر راموس في الدقيقة ال 93 من عُمر اللقاء أمام الأتلتيكو، وريال بيريز توج أيضاً بكأس العالم للأندية في المغرب، وكأس السوبر الأوروبية في المباراة التي أقيمت على ملعب كارديف سيتي في ويلز ببريطانيا ضدّ إشبيلية بفضل هدفي كريستيانو.

    علاوةً على ذلك، فالريال تربع منذ فترة ليست بالقصيرة، على التصنيف أفضل الأندية الأوروبية وفقاً للجدول الذي يصدره الاتحاد الأوروبي، والذي يستند على معاملات أندية اليويفا إلى نتائج دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي في المواسم الخمسة الماضية، وهذا يدل على المستوى العالي الذي قدمه الريال في حقبة بيريز.

    واقتصاديا، احتفظ الريال بصدارة قائمة أغنى 20 نادياً في العالم للعام الحادي عشر على التوالي، حسب مجموعة “ديلويت” للخدمات المالية، وحقق ريال مدريد إيرادات وصلت إلى 577 مليون يورو (627.90 مليون دولار) وارتفعت إيرادات النادي بمقدار 27.5 مليون يورو (29.93 مليون دولار)، بما في ذلك زيادة العائدات التجارية بمقدار 22.7 مليون يورو (24.70 مليون دولار) بالمقارنة بالموسم السابق، وهذا نجاح يُحسب للرئيس فلورنتينو بيريز بطبيعةِ الحال في ظل الأزمة المالية التي تجتاح أوروبا.

    وعلى الجميع أن يعي الحقيقة التي تنص على أن كرة القدم لم تعد كرة قدم بذاتها، فالسياسة وعالم المال والأعمال توغل في عالم الجلد المدور، ولم يعد بمقدور أي نادي يريد أن ينافس محلياً وأوروبياً ما لم يملك المال لمقارعة “الكبار” وهذا الهدف لن يتحقق إلا في حال إتباع نهجاً اقتصادياً ناجحاً كالذي يتبعه الداهية بيريز.

    نستنتج مما سبق، إن حقبة فلورنتينو بيريز طغت عليها الإيجابيات بشكلٍ واضح لكل متابع يأخذ بنظرية النصف الممتلئ من الكأس خاصة في ظل الأوضاع المريرة التي كان يعاني منها الريال قبل بيريز.

    وخلاصة الحديث، إن كل من يطالب بإقالة فلورنتينو بيريز بقصدٍ (مدسوس) أو بغير قصد (مغشوش) هو لا يريد مصلحة المرينغي بطريقةٍ أو بأخرى، وهذا الطرح لا يتغاضى عن بعض الأخطاء التي وقع فيها بيريز، ولكنه يضع المعطيات في ميزانٍ ذو كفتين، وبطبيعة الحال يرجح كفة الإبقاء على الشامخ، لأن كفة الإقالة ستضرّ بالريال، وستنفع أعداء الريال.

    لمتابعة الكاتب عبر الفيسبوك

    قناة سبورت 360عربية على يوتيوب

    الأكثر مشاهدة