سبورت 360- إذا أردت السفر من النقطة أ إلى النقطة ب، كل الناس ستأخذ الطريق السريع ذو الحارات الواسعة حتى يتم قطع المسافة في ثلاث ساعات.

كل الناس بلا استثناء ستأخذ هذا الطريق، إلا واحد فقط، خوان رومان ريكيمي، لاعب برشلونة السابق، سيأخذ فورا الطريق الجبلي البطيء، الذي يحتاج إلى ست ساعات، حتى يستمتع بجمال المناظر الطبيعية حوله، ويحيد عن مسار الأغلبية ولو لمرة، باختصار هذا مبدأ ريكيلمي في الحياة، وفي كرة القدم.

آخر صناع اللعب القدامى

مع تطور الخطط أكثر، ظهرت 4-2-4 في البرازيل ووجود لاعب الوسط الذي يلعب الكرة إلى الأجنحة المهارية على الأطراف أو المهاجم القاتل في الصندوق، ثم 4-3-3 الهولندية وعدم وجود صانع لعب واحد بالمعنى الحرفي للكلمة. ثم3-5-2 الثمانينات، مارادونا مهاجم ثاني خلف فالدانو وصانع لعب صريح في نفس الوقت، وهداف عند الحاجة، بلاتيني في فرنسا أيضاً، حقبة النجوم الكبار والوسط الذي يدافع فقط.

تمر السنين حتى تأتي طريقة لعب 4-4-2 الشهيرة، وهنا صانع اللعب رقم 10 هو الـ Big Man هو اللاعب الذي يهاجم فقط، يلعب للأمام، يصنع الأهداف ويسجلها. يفعل كل شيء في الثلث الهجومي الأخير وليس له علاقة بالدفاع. في أمريكا اللاتينية، جاء مصطلح الـ Enganche أو صانع اللعب اللاتيني، هو اللاعب الذي يتألق في طريقة لعب 4-3-1-2 التي تصبح 4-4-2. ثلاثي الوسط أمامه ثنائي هجومي وبينهما صانع اللعب الذي يربط الجميع في وحدة واحدة.

تصفح الموقع الرسمي للدوري السعودي، وتابع أهم الأخبار، وأخبار كريستيانو رونالدو باللغة الإنجليزية

صانع اللعب الذي يتمركز بين الجناحين، أمامه ثنائي أو ثلاثي من لاعبي الارتكاز، وفي المقدمة رأس حربة صريح. هو يوزع الهدايا والكرات إلى الأطراف والمهاجمين دون توقف، لكنه لا يعود للخلف ولا يدافع ولا يبذل مجهوداً بدنياً مثل غيره، هكذا كان ريكيلمي وأمثاله في زمن سابق.

لذلك يعتبر خوان رومان آخر صناع اللعب القدامى في كرة القدم الذين تألقوا وبرعوا خلف المهاجمين دون الحاجة إلى مجهود دفاعي صريح، وربما هذه الفكرة هي من أوجدت الخلاف بين بيليجريني وريكلمي في فياريال، الأرجنتيني يهاجم فقط والمدرب يريد من كل لاعب أن يعود للخلف، لذلك عاد المايسترو إلى بلاده ليتألق مرة أخرى مع ناديه الأصلي، بوكا جونيورز.

Villarreal's  Argentinian Roman Riquelme

مشوار طويل

سردت صحيفة “فور فور تو” مقارنة بين المدراء الذين عملوا مع الرقم 10، باساريلا استدعاه لمونديال 98 رغم صغر سنه، مارسيلو بييلسا لم يعتمد عليه مطلقا، بيكرمان جعله قائد الفريق الأوحد، بازيلي أعطاه شارة القيادة، بينما دخل مارادونا معه حرب إعلامية شهيرة.

لا يمانع بيكرمان وأمثاله من الاعتماد على لاعب بعينه في سبيل الوصول إلى المجد، إنها المجموعة البراغماتية التي تنتمي لمعسكر بيلاردو، الرجل الذي قاد الأرجنتين إلى لقب 86 بالتعاون مع دييغو، لكن شنت المجموعة الأخرى بقيادة بييلسا ثم لويس فان غال الحرب على ريكلمي، لأنه يشكل المضاد الحيوي لأفكارها ومبادئها التكتيكية.

يفضل هؤلاء المجموعة لا الفرد، هم أقرب إلى الأساتذة الذين يميلون إلى الصدام بالنجم الجماهيري، لدرجة أن الخال أطلق تصريحا لا يُنسى بعد مغادرة ريكي برشلونة، “عندما نستحوذ على الكرة، فإننا نملك أفضل لاعب بالعالم. لكن في حالة فقدان الهجمة، فإننا نلعب بـ 10 لاعبين فقط”، في دلالة على عدم قيام الأرجنتيني بالواجب الدفاعي، وووقوفه فقط في نصف ملعب الخصم، بما يعاكس مفهوم الشمولية الخططية التي رسمت معالم التكتيك الجديد.

مارادونا حالة خاصة، أسطورة القرن العشرين لاعبا، وواحد من أسوأ العقول الكروية كمدرب، لم يرتبط خلافه الحاد مع ريكلمي بالتكتيك كحالة فان غال وبييلسا وحتى بليغريني، ولكن ربما لقوة شخصية النجمين وتنافسهما على قلب جمهور البومبونيرا. استبعده دييغو من مونديال 2010 وما قبله، ورفض ذكر الأسباب التي دفعته لهذا القرار، أما خوان فكان أكثر شجاعة، ليتقبل الأمر ويرفض حتى ذكر إسم أسطورة الأرجنتين في أي مقابلة إعلامية، ليقول عنه “المدرب الوطني” إذا اضطر للحديث عنه.

Argentina's Juan Riquelme (L) celebrates

المركز 10 الكلاسيكي

يستقبل ريكيلمي الكرة من لاعبي الارتكاز، يحافظ عليها، يراوغ، يمرر، يسدد، ويضع المهاجمين في وضعية أفضل أمام المرمى، وفي حالة حصول المنافس على الهجمة، فإن صانع اللعب يمشي في الملعب وكأنه يحصل على قسط من الراحة، لأنه لا يدافع ولا يفضل العودة للخلف.

تجاوزت سرعة كرة القدم ريكيلمي في السنوات الأخيرة، اللاعب لا يتحرك كثيراً، يفضل الهجوم فقط، لا يدافع على الإطلاق، ويصطدم مع المدربين مراراً وتكراراً، لذلك لا غرابة أبداً في تألقه الكبير في أمريكا الجنوبية بالإضافة إلى فريق فياريال، بعيداً عن الضغوطات والإعلام والكاميرات، كما كان الحال مع برشلونة، أو حتى رفقة كبار الشخصيات كلويس فان غال ومارادونا.

ربما سرعته القليلة هي من جعلته يلعب بهذا الشكل، وفي كل الأحوال ريكلمي يفك شفرة أي أيدولوجية كروية، لأنه ليس نموذجا للنقاش النظري، بل موهبة نادرة جداً ولدت في فترة تحتاج إلى مقومات مختلفة، لذلك أبرز نقاط ضعفه هي سمات هذا العصر، وأهم نقاط قوته لا تتواجد في لاعب غيره! وحده كان ” ريكلمي ” هو ذلك اللاعب المبدع الذي يذكرنا بالعصور السابقة في اللعبة، ريكي هو المزيج بين الأصالة القديمة والتطور الحديث في اللعبة، لذلك سيظل حالة خاصة جداً في تاريخ كرة القدم .

FBL-ARGENTINA-BOCA-GODOY CRUZ

قناة سبورت 360عربية على يوتيوب

الأكثر مشاهدة