أريغو وبيب .. أهلاً بالتكتيك !!

17:57 02/09/2015
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • عضو فريق إبداع سبورت 360 اسلام المجالي

    ** هذا المقال مقدم من فريق إبداع 360، وهو فريق من الكتاب المميزين الناشطين في شبكات التواصل الاجتماعي، من غير العاملين بشكل دائم في المجال، حيث وجدوا في هذا الفريق مظلة تخرج أفضل ما لديهم لينشروا أفكارهم ويفيدوا الجمهور العربي.

    من بائع أحذية متجول إلى صانع أمجاد إيطاليا .. سجل يا تاريخ ولد ساكي، فأهلاً بالتكتيك. حاولوا فرض المنطق على كرة القدم، ولكن لا منطق مع أريغو ساكي!

    اسمه جذاب، شكله غريب، لا يملك أي شهادة في التدريب، ولكن الأقرع الإيطالي غير مفاهيم كرة القدم العالمية، ونقلها من الظلمات إلى النور، أو من العموم إلى ما بين السطور .. أريغو ساكي، المدرب الذي قرأ التفاصيل، ودرس الكثير والقليل حتى وصل إلى التكتيك المتقن الذي أخضع كبار المدربين والأندية لهيمنة ساكي.

    "تكتيك ساكي ليس فيه أي نقاط ضعف، الفريق يهاجم والفريق يدافع، نعم للجماعة، لا للفرد"، هكذا عنونت اللاغازيتا والتوتو في ليلة ميلاد ساكي، وهذا ما حذرت منه الكوريري صباح وصول الفكر الرهيب!

    تصفح الموقع الرسمي للدوري السعودي، وتابع أهم الأخبار، وأخبار كريستيانو رونالدو باللغة الإنجليزية

    ساكي جاء بفكر فتاك، أوقع كل المهاجمين في مصيدة تسلل الميلان، واعتمد أسلوب الجماعة، حيث يسجل المدافع ويدافع المهاجم. المدافع ريكارد في خط الوسط، ولاعب الوسط خوليت كمهاجم ثاني بجانب فان باستين، ولا مكان للمهارات الفردية والأنانية.

    ركز ساكي في أسلوبه على الضغط المباشر على الخصم، وتشكيل حائط دفاعي على خط واحد بهدف مصيدة التسلل. فضلاً عن ذلك، كان يسعى ساكي دائماً للاستحواذ على الكرة، وحرمان الخصم منها، اختار ساكي الهجوم لمدة تسعين دقيقة، واعتمد فلسفة تضييق المساحات، المسافة بين المدافع الأخير والمهاجم الأول خمسة وعشرون متراً، والفريق الذي كان يستطيع تجاوز خط وسط الميلان يعد مبدعاً، الفريق كتلة واحدة، أحد عشر لاعباً في الهجوم ومثلهم في الدفاع!

    سُمي تكتيك ساكي بتكتيك الأشباح، تشاهد لاعبين ولا تشاهد كرة، وفي بعض الحالات لا تشاهد لاعبين ولا كرة! قبل لقاء الميلان والريال في نصف نهائي 1989 لبطولة أوروبا، أرسل الريال أحد كشافيه ليراقب تدريبات الميلان، فتابع الحصة التدريبة كاملةً، ثم عاد وأخبر إدارة الريال أنه شاهد لاعبين يلعبون، ولكنه لم يشاهد كرة، اثنان وعشرون لاعباً يركضون كالأشباح، الكل في الدفاع والكل في الهجوم!

    وبالفعل استطاع ساكي هزيمة الريال في نصف نهائي أبطال أوروبا 1989 بالخمسة، أنشيلوتي باليمنى، فان باستين ودونادوني باليسرى، وريكارد وخوليت بالرأس، أي جمال هذا يا ساكي! أعلن أريغو انتصار الفكر الهجومي الجماعي على المنطق الممل، وأصبح فكر ساكي هو الصيحة السائدة في عالم التدريب الأوروبي، حتى حمل كرويف لواء أفكار ساكي المحسنة للمسات الهولندي ميتشيلز.

    كرويف سقط سريعاً، هزمته كرة المنطق المملة عام 1994 في نهائي الأبطال، في ليلة اعتقد فيها فابيو كابيلو أن الكرة الجميلة لن تعود بعد اليوم! انتصر مدرب الواقعية، تمكن المنطق من هزيمة الجمال، وتوالى الجيل التدريبي الكلاسيكي الذي لا يعترف بالشمولية والجمال، يعترف بالنتيجة فقط!

    فيرغسون، هيتسفيلد، مورينهو، ليبي، سكولاري، ديل بوسكي وأنشيلوتي، كلهم مثلوا الكلاسيكية التقليدية في التدريب، في حين كانت تظهر طفرات تحاول استعادة مجد الجمال، لكن الواقعية كانت دائماً الغالب، واسألوا فينغر وفان خال.

    ظهيرة عام 2008، بيب غوارديولا مدرب الفريق الثاني لبرشلونة يعين مدرباً للفريق الأول في برشلونة. اتهموا خوان لابورتا بالغباء والتسرع، اتهموه بالانحياز لأبناء الإقليم الكتالوني، وما زاد الطين بلة أن الشاب الذي بلغ عامه السابع والثلاثين أمر بالتخلي عن إيتو ورونالدينهو وديكو لتصفه وسائل الإعلام بالمجنون.

    غوارديولا كان يعلم جيداً أن تطوير أسلوب ساكي لا يصلح بوجود الكبار، أسلوب ساكي يحتاج إلى (محراثٌ) لا يتوقف، يحتاج إلى انضباط وتركيز ولياقة بدنية عالية .. وهذا لا يصلح مع هذه النجوم.

    لم يكن يعلم المتتبعون أن العالم على موعد مع ولادة أسطورة تدريبية جديدة، ستغير مفاهيم الكرة الحديثة، وتعلن انتصار الكرة الجميلة على المدرسة الواقعية "المملة". في مؤتمره الصحفي الأول قال غوارديولا "لماذا تلعب كرة قدم معقدة ما دمت تستطيع لعب كرة قدم سهلة وبسيطة؟" ومن هنا كان الانطلاق، كرة قدم سهلة وبسيطة!

    ليست فقط حلاقة الرأس ما يجمعهما، الكتلة الواحدة، الجماعية، التمريرات والسيطرة، المساحات الضيقة، المرونة التكتيكية والإعفاء التكتيكي، كلها أمورٌ جمعت بين بيب وأريغو، وكلها أمورٌ نقلت كرة القدم إلى خانة الجمال الصامت ..

    المتواضع غوارديولا غير الكثير في مفاهيم كرة القدم، فحول لاعب الارتكاز البدني العنيف إلى لاعب ضعيف البنية، ولكنه قوي التركيز والتمرير. سيرجيو بوسكيتس، هذا الشاب الاسباني الذي نقل مفهوم الارتكاز من الكلاسيكية إلى العصرية .. دقة تمرير، وضغط لقطع الكرة وإضافة هجومية في بناء الهجمة، هذا هو الجوكر بوسكيتس غوارديولا!

    غوارديولا أدخل مفهوم الثمان ثوان، وهو المبدأ القائم على استرجاع الكرة من الخصم خلال ثمان ثوان عبر الضغط المنظم على حامل الكرة. وهنا لا فرق بين المهاجم والمدافع، الجميع يتحرك ككتلة واحدة، لا يمكن تحديد إحداثياتها ولا رسم محاورها .. هم فعلاً أشباح!

    التغير في قوانين التسلل أدت إلى اضعاف فكر ساكي حديثاً، ولكن غوارديولا أعاد هذا الفكر عبر الضغط بالمهاجم الأول على الخصم، وتوظيف القدرات الفردية في خدمة الجماعة. الفيلسوف أضاف نكهةً خاصة لأسلوب التمرير والتحرك (Pass and Move)، فأصبحنا نشاهد مثلثات تكتيكية (تيكي تاكا) قادرة على الخروج من أي مساحة ضيقة بسهولة، وقادرة على إيصال الكرة بكل سهولة لميسي، ليسجل!

    عاشت الأجيال فرحة مشاهدة الأساطير التدريبية الحية، جيل ميتشيلز، وتلاهم جيل ساكي وكرويف .. أما نحن، فنحن الجيل المحظوظ، جيل الأسطورة التدريبية غوارديولا، جيل التيكي تاكا، جيل الجمال الذي لا ينتهي، جيل التكتيك المتجدد كل يوم، بل كل دقيقة، أو كل بيب!.
     

    لمتابعة الكاتب عبر الفيسبوك من هنا

    للمشاركة في فريق إبداع سبورت 360 اضغط هنا

    أقرأ أيضاً جميع إبداعات فريق سبورت 360 اضغط هنا

    قناة سبورت 360عربية على يوتيوب

    الأكثر مشاهدة