ألمانيا وإيطاليا .. عداوة عمالقة أوروبا

لطالما تميز صراع الفريقين بإثارة وندية تليق بسمعة الفريقين ،فكلاهما حقق بطولة العالم 4 مرات متفوقين على فرق القارة العجوز مجتمعة ،لكن ما يجعله تنافسا فريداً هو فشل ألمانيا في انتزاع فوز من أنياب الآزوري في المنافسات الرسمية رغم فوزها في مباريات ودية كان آخرها فوز لألمانيا في 29/03/2016 بنتيجة 4/1 على ستاد آليانز أرينا.كما تواجه الفريقان مرة واحدة أثناء دورة الألعاب الأولمبية الصيفية عام 1988 في سيول ،و هزمت ألمانيا الغربية إيطاليا 3-0 في مباراة تحديد المركز الثالث والرابع.

كان لقاء المنتخبين في نصف نهائي كاس العالم المكسيك 1970 الأكثر شهرة في تاريخ لقاءات الفريقين،وعرف ب”مباراة القرن”نظراً للإثارة والتشويق التي حملتها.فازت إيطاليا بنتيجة 4-3 وتم تخليد اللقاء بوضع لوحة تذكارية تشير إليه وضعت على مدخل ستاد الآزتيك الذي يفخر بما قدمه المنتخبان من جهد وتضحيات في سبيل الفوز خصوصاً “القيصر “فرانز بكنباور الذي أكمل المباراة بكتف مخلوع ربط بضمادة،ورفض مغادرة الملعب.

تصفح الموقع الرسمي للدوري السعودي، وتابع أهم الأخبار، وأخبار كريستيانو رونالدو باللغة الإنجليزية

رغم فشل ألمانيا في كسر العقدة الإيطالية، و فك متلازمة النحس الذي لازمها أمام الآزوري ،إلا أن مباريات الفريقين كانت ولا زالت تمثل جزءاً لا يستهان به من تاريخ كرة القدم عبر المراحل الطويلة التي مرت بها والتي سنستعرض أبرزها في المقال التالي.

ودية 1929:

رغم أنها لم تكن فاتحة العداوة،إلا أنها كانت مهمة للغاية على الصعيد السياسي خصوصاً في ظل صعود نجم التيارات الوطنية المتطرفة في الدولتين (النازية الألمانية والفاشية الإيطالية).وهي المباراة الأولى التي تنقلها الإذاعة الألمانية لمنتخبها الوطني على الهواء مباشرة رغم رفض الأندية الألمانية لبث المباراة  في البداية.

كانت مباراة المنتخبين سبباً في شهرة شخصيتين ألمانيتين هما المعلق الشاب بول لافين، و حارس المرمى هاينريتش  شتوهلفوث.

وصف لافين للجماهير كيف تقدمت إيطاليا بحضور 30 ألف مشجع في ملعب فيلادلفيا التاريخي ،انتهى الشوط الأول بالتعادل بهدف لهدف وسجل هدف ألمانيا مهاجم هانوفر جوزيف هورناور. طلب المسئولون الإيطاليون في الاستراحة بين الشوطين من شتوهلفوت استبدال قميصه الرمادي بآخر أحمر ليسهل تمييزه لكنه رفض طلبهم بلباقة.

كان التوتر واضحاً على لافين ،فقد جلس بجانب مقاعد البدلاء يشعل لفافة تبغ وراء الأخرى بينما كان يشرح بلهفة أهمية المباراة للألمان الذين تصدى حارسهم الطويل القامة شتوهلفوث للكرات الإيطالية بجرأة أثارت إعجاب الصحافة الألمانية التي لقبته ب(بطل تورينو).

وفي اللحظات الأخيرة من عمر اللقاء علا صوت لافين الذي غمرته الحماسة بينما كان يصف عبر الأثير تسديدة إنريكو ريفولتا من مسافة قريبة ،صدها شتوهلفوث  بقدمه اليسرى.

انتهى اللقاء لصالح ألمانيا التي أعتبر فوزها على الصعيد المحلي إنتصاراً وطنياً.

مونديال تشيلي 1962:

انتهى اللقاء بالتعادل السلبي في دور المجموعات.

مباراة القرن في مونديال المكسيك 1970:

صنفها الاتحاد الدولي لكرة القدم بأنها الأفضل تاريخياً فهو اللقاء الأكثر تميزاً بين الجانبين وربما لا يزال، مباراة نصف النهائي كانت مهرجان أهداف فقد سجل  فيها سبعة أهداف خمسة منها كانت في الوقت الإضافي.

سيطرت إيطاليا على اللقاء منذ بدايته.أفتتح روبيرتو بونينسينغا التسجيل لإيطاليا في الدقيقة 8،وخلع كتف فرانز بيكنباور في الدقيقة 65بعد احتكاك مع المدافع بيير لويجي سيرا ،لكنه رفض الخروج وأكمل المباراة بشجاعة وروح عالية بعدما ثبت كتفه بضمادة طبية.

عادل كارل هاينز شينيلينغر لاعب إي سي ميلان النتيجة في الدقيقة 90 وكان ذلك هدفه الوحيد للمنتخب الألماني الذي إرتدى قميصه في 47مباراة ،وصرخ المعلق الألماني إرنست هوبيرتي بطريقة هستيرية:”شينيلينغر يسجل للشعب”.

لعب الفريقان الأشواط الإضافية،وإبتدأ غيرد مولر التسجيل لصالح ألمانيا الغربيةفي الدقيقة 94،وردت إيطاليا عن طريق تارشيزيو ولويجي ريفا في الدقيقتين 98 و 104قبل أن يعيد غيرد مولر المباراة إلى مربعها الأول بهدف التعادل في الدقيقة 110. و بينما كان الجميع منشغلاً بمتابعة إعادة هدف مولر التلفزيونية سجل البديل غير المراقب جياني ريفيرا الذي دخل في الشوط الثاني هدف الفوز لايطاليا في الدقيقة111.

انتهى اللقاء الملحمي بفوز إيطاليا 3-4 فأنفجر غضب الإعلام الألماني بسبب الخسارة، وقاد مراسل الإذاعة الألمانية كورت برومي حملة شعواء ضد الحكم المكسيكي من أصل ياباني أرتورو يامازاكي. برومي الملقب ب(صوت ألمانيا) وصديق الملاكم الشهير محمد علي كلاي هاجم يامازاكي بشراسة،وأتهمه بمحاباة الإيطاليين و التغاضي عن أخطائهم ،فقد وصف قراراته ب”المستحيلة”،وإتهم الإيطاليين بتعمد الخشونة والتمثيل لخداع الحكم ،ففي إحدى لحظات المباراة أرتكب جياني ريفيرا مخالفة على بيرتي فوغتس فاستشاط غضباً و صرخ”كان ذلك سيئاً يا ريفيرا،هذه ليست كرة قدم بل وحشية”.

أثار خروج ألمانيا الغربية نقمة وسائل الإعلام،وساند الصحفيون الألمان برومي في حملته ،فقد اعتبروا أن منتخبهم تعرض للظلم التحكيمي، وأن المدرب سيب هيربيرغر والمدافع فرانز بيكنباور بطلان وطنيان.كما تابعوا بالعرض البطئ لقطات من المباراة و حللوا قرارات الحكم.

نهائي كأس العالم 1982:

لم يحظ منتخب ألمانيا الغربية بشعبية في بلاده،وتعرض لانتقادات شديدة من قبل وسائل الإعلام المحلية. قبل المباراة بيوم أجرى لاعب ألمانيا الغربية بول برايتنر مقابلة صحفية  غريبة ،فقد جلس نصف عارٍ أمام حمام سباحة ،وإتهم وسائل الإعلام ب”الكذب و نشر الشائعات”حول المنتخب الألماني،وأصر انها إتهمت منتخب بلاده ظلماً بالتعجرف.

أقيمت المباراة على ملعب سانتياغو بيرنابيو في العاصمة الإسبانية مدريد بتاريخ 11 يوليو 1982  بحضور 90.000 ألف متفرج.

انتهى الشوط الأول بالتعادل السلبي ،وفي الشوط الثاني سجلت إيطاليا 3 أهداف متتالية خلال 24 دقيقة،عبر كل من باولو روسي و ماركو تارديلي و أليساندرو ألتوبيلي على التوالي في الدقائق (57-69-81)،وقلصت ألمانيا الفارق عن طريق بول برايتنر في الدقيقة83.

انتهى اللقاء بفوز إيطاليا 3-1 لتتوج باللقب الثالث في تاريخها بعد عامي 1934و1938.

تواجه المنتخبان في مونديال 1978 بالأرجنتين في الدور الثاني الذي نظم بطريقة المجموعات، وانتهى اللقاء بالتعادل السلبي.و تغلبت ألمانيا على المنتخب الإيطالي مرتين في عام 1986 و خلال بطولة عام 1995 في زيوريخ.

كأس العالم ألمانيا 2006:

الدولة المضيفة تفشل في فك النحس.

في أوائل2006هزمت ألمانيا 4-1 أمام ايطاليا في فلورنسا ،خسارة هزت البلد التي كانت تستعد لاحتضان كأس العالم على أراضيها ،فقد وصفت صحيفة “دير شبيغل “النتيجة ب(الكارثة والفضيحة)،ووصفت مدافعي منتخب ألمانيا ب “حفنة من المهرجين”،و أعترف ثيو تسفانتسيجر رئيس إتحاد كرة القدم الألماني  بعد سنوات قليلة أنه أصيب بالذعر بسبب نتيجة المباراة ،وبدأ بالتفكير جدياً بإقالة يورغن كلينزمان و تعيين ماتياس زامر مدرباً للمنتخب الألماني.

تسلحت ألمانيا بأرضها وحشدت جماهيرها قبل مواجهة نصف النهائي الحاسمة أمام الآزوري في مدينة دورتموند،و ساد التفاؤل عموم ألمانيا فالمنتخب سيخوض المواجهة على أرضه مدعوماً بمؤازرة جماهيرية ضخمة رغم سجل النتائج السيئ للمانشافت أمام الآزوري.وكان الشعور أن ألمانيا ستتخلص من النحس الذي لازمها في مواجهات الآزوري.

لعبت مباراة نصف النهائي في سيغنال إيدونا بارك ملعب نادي بروسيا دورتموند ، أمام حشد من65000 ألف متفرج.و انتهى الوقت الأصلي بالتعادل فأحتكم الطرفان للأشواط الإضافية،وفي الدقيقة 118 حصلت إيطاليا على ضربة ركنية أبعدها الدفاع الألماني ،وصلت الكرة إلى آندريا بيرلو الذي خدع المدافعين الألمان ومرر الكرة إلى فابيو غروسو الغير مراقب فأطلقها بيساره بقوة داخل مرمى ينز ليمان.

أندفع الألمان إلى الأمام لتعديل النتيجة ،لكن أليساندرو ديل بييرو بدد آمالهم بهدف ثان في نهاية الوقت بعد  هجمة مرتدة متقنة بدأها فابيو كانافارو وفرانشيسكو توتي في الدقيقة 120.

تأهلت إيطاليا إلى النهائي وتوجت باللقب بعد هزيمة فرنسا بركلات الترجيح.

نصف نهائي أمم أوروبا 2012:

ثنائية بالوتيلي تقصي ألمانيا.

لا يسجل التاريخ تفوقا واضحاً للآزوري على المانشافت في بطولة أمم أوروبا ،فقد تواجها مرتين انتهت كلاهما بالتعادل1-1 في عام 1988 ،وسلباً في عام 1996.

كانت ثالث مواجهة جمعت المنتخبين على ملعب وارسو لحساب نصف نهائي بطولة أمم أوروبا. قبل هذه المباراة  سجلت ألمانيا رقماً قياسياً تاريخياً في عالم كرة القدم برصيد 15 انتصارا متتالياً في المباريات الرسمية   شملت جميع مباريات يورو 2012 و تصفياتها المؤهلة،لكن سلسلة انتصاراتها كسرت على يد الطليان.

أفتتح ماريو بالوتيلي التسجيل لإيطاليا في الدقيقة 20 برأسية قوية من كرة عرضية لعبها أنطونيو كاسانو ،وأضاف الهدف الثاني في الدقيقة  36 من تسديدة قوية وأحتفل احتفاله الشهير بخلع قميصه وإظهار عضلاته.

حاول الألمان اختراق الدفاع الإيطالي الحديدي لكنهم فشلوا في ذلك،وتصدى الحارس جان لويجي بوفون لتسديداتهم ،وبينما كان اللقاء يلفظ أنفاسه الأخيرة أحتسب الحكم ضربة جزاء لألمانيا في الدقيقة92 بعد لمسة يد من المدافع الإيطالي فريدريكو بالزاريتي داخل منطقة الجزاء سجلها مسعود أوزيل.

مجدداً أقصت ايطاليا ألمانيا ،وتأهلت إلى نهائي يورو 2012 الذي خسرته أمام إسبانيا برباعية نظيفة.

مثلما فازت إيطاليا بلقب كأس العالم على الأرض الألمانية العام 2006، فقد سبق للماكينات الألمانية الفوز ببطولتين على الأراضي الإيطالية يورو 1980 وكأس العالم1990 وسيبقى التنافس بينهما مشتعلاً لحصد الألقاب.

لمتابعة الكاتب عبر الفيسبوك

قناة سبورت 360عربية على يوتيوب