وجها كرة القدم: الوجه المضيء

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • جمهور كرة القدم

    عندما يتعلق الموضوع بكرة القدم وعلاقتها بالمجتمع المحيط بها يوجد مدرستان فكريتان. الأولى تتلخص في مقولة مدرب ليفربول الأسطوري بيل شانكلي: “بعض الناس يظنون أن كرة القدم مسألة حياة أو موت. هذا التفكير لا يعجبني. يمكنني أن أؤكد لهم أنها أكثر جدية من ذلك بكثير”. أما الثانية فيلخصها كارلو أنشيلوتي بأناقته المعهودة “كرة القدم أهم الأشياء الصغيرة في الحياة”. فكر الرجلين قد يبدو صحيحاً للبعض وقد يبدو مبالغة في تقدير اللعبة للبعض الآخر.

    لكن ما لا شك فيه هو أن شعبية كرة القدم الجارفة في كل أنحاء العالم تمنحنا فرصة النظر إلى حقيقة السلوك البشري ومقارنته بين مختلف المجتمعات كونها احدى الأمور القليلة التي يُجمع على حبها معظم سكان الكوكب.

    فكرة القدم، سواء أحببت اعتبارها مسألة حياة وموت أو أمراً صغيراً، لا توجد في فقاعة لوحدها بل هي مرآة لما يدور حولها. ومن خلال المقالين المقبلين سأحاول أن أعرض لكم وجهين متناقضين لكرة القدم لأثبت أن كرة القدم ليست اللعبة الجميلة التي نوّد دائماً أن نحلم بها، وليست بالمقابل مجموعة من الهوليجانز الذين يجعلون من ملاعب كرة القدم ساحات قتال. واليوم سنبدأ بالوجه المضيء من خلال تسليط الضوء على منظمة StreetFootballWorld الخيرية.

    أسكوبار

    أسكوبار

    في العام 1994 قام مجموعة من المجرمين بقتل لاعب منتخب كولومبيا أندرياس إسكوبار “انتقاما” لهدفه الشهير في مرمى منتخب بلاده أمام منتخب الولايات المتحدة خلال مباراة دور المجموعات من كأس العالم. العملية الجبانة أثارت سخط مشجعي كرة القدم حول العالم، ولكنها كان لها تأثير كبير على يورجن جريسبك، طالب ماستر ألماني مقيم في كولومبيا.

    تصفح الموقع الرسمي للدوري السعودي، وتابع أهم الأخبار، وأخبار كريستيانو رونالدو باللغة الإنجليزية

    جريسبك، والذي كان يدرس العلوم الاجتماعية المعاصرة، لم يستطع أن يفهم كيف يمكن للعبة ككرة القدم أن تودي بحياة شخص، ولذلك حاول أن يجد طريقة ليساعد بها على تخفيف حالات العنف في كولومبيا وهو ما أوصله لكرة القدم مجدداً. جريسبك بدأ منظمة خيرية تدعى “كرة القدم لأجل السلام” هدفها خلق علاقات صداقة وحوار بين الشبان الكولومبيين، وخصوصاً في مدينة ميدلين احدى أكبر مراكز العنف في كولومبيا، من خلال كرة القدم. أساليب جريسبك كانت بسيطة ولكن فعالة؛ الشبان كان عليهم ترك أسلحتهم خارج الملعب، الفرق كانت تتألف من لاعبين من الجنسين والخلافات كان يجب حلها من خلال الحوار بين الفريقين وليس من خلال الحكم.

    أعداد الوفيات في المجتمع الذي طبقت فيه الفكرة سرعان ما بدأت بالهبوط. جريسبك سرعان ما أدرك أنه ليس الوحيد الذي استعمل طاقة كرة القدم لإحداث تغيير إيجابي في المجتمع، فالعالم كان مليئاً بمجموعات خيرية مماثلة لكنها غير متصلة ببعضها بأي طريقة وتعاني دائماً من أجل الحصول على التمويل. هذا الإدراك جعل جريسبك يؤمن أن إيجاد طريقة لجمع هذه المبادرات وتوحيد قواها أكثر أهمية من إنشاء واحدة جديدة قد تتوقف عن العمل في غضون سنوات.

    StreetFootballWorld

    StreetFootballWorld

    لذلك أسس جريسبك عام 2002 منظمة أسماها StreetFootballWorld مهمتها الوحيدة، بحسب موقعها الرسمي، هو تسخير طاقة كرة القدم للخير. المنظمة تقوم بالدرجة الأولى بدعم المبادرات المحلية التي تحاول استخدام كرة القدم لإحداث تغيير إيجابي في المجتمع المحيط بالإضافة لإقامة مبادراتها الخاصة.

    بعض هذه المبادرات تعنى بمواضيع مهمة وحساسة للغاية كمشكلة الألغام الأرضية في كمبوديا، تفشي مرض نقص المناعة المكتسب في جنوب افريقيا، دمج اللاجئين في المجتمع الاسترالي وغيرها الكثير من المبادرات التي يصل عددها لأكثر من 80 حول العالم وتقدم العون لمليوني طفل. لكن المثير للاهتمام في StreetFootballWorld هو أنها تملك أهدافاً رائعة فيما يخص حصولها على التمويل.

    مسؤولو المنظمة أدركوا أنه سيكون من الصعب الاعتماد على كرم مشجعي كرة القدم والذين يعانون من الازدياد المضطرد في ثمن متابعة رياضتهم المفضلة. لذلك حوّلت StreetFootballWorld أنظارها إلى لاعبي كرة القدم.

    جريسبك نجح في إقناع جناح مانشستر يونايتد خوان ماتا بأن يكون أول لاعب ينضم لمبادرته الجديدة CommonGoal والتي سيتبرع ماتا من خلالها بـ1% من دخله السنوي لمنظمة جريسبك الخيرية. المبادرة تطمح بشكل مبدئي إلى جمع تشكيلة من 11 لاعباً ليتبرعوا بهذا المبلغ ونجحت بالفعل بضم قلب دفاع منتخب المانيا ماتس هاملز لصفوفها مؤخراً.

    ماتا، والذي سيكون قائداً لهذه المبادرة، قال أثناء إعلانه انضمامه للمبادرة “أول الأشياء التي تعلمتها في كرة القدم هي أننا بحاجة لفريق لنحقق أهدافنا. لكننا لا نرى ذلك كثيراً في المجال الخيري. أود أن أرى أطفال العالم يحظون بنفس الفرص التي حصلت عليها أنا في حياتي”.

    أما هاملز فقد وجد، بحسب قوله، في هذه المبادرة فرصة لتسخير جزء من أرباح كرة القدم لهدف أسمى. ولكم فقط أن تتصوروا حجم الأثر الإيجابي الممكن إحداثه لو وافق جميع لاعبو البريميرليج، والذين تبلغ رواتبهم السنوية حوالي ملياري باوند، على الانضمام لماتا وهاملز!!!

    هذه المبادرة دليل حيّ على أن كرة القدم لم تتحول إلى سلعة تجارية وفقط بل مازالت تملك أثراً كبيراً في حياة جميع من يمارسها ويمكنها، لو سخرت بالطريقة المناسبة، أن تغير مسار حياة العديد من الأطفال الذين أجبرتهم ظروفهم على خوض حياة صعبة.

    الأسبوع المقبل سنكتشف، للأسف، كيف يمكن بالمقابل أن تتحول كرة القدم لوسيلة قتل لو تم تسخيرها بشكل خاطئ.

    لمتابعة الكاتب عبر الفيسبوك

    قناة سبورت 360عربية على يوتيوب

    الأكثر مشاهدة